الجمعة، 27 يونيو 2014

تعليق على مقال رئيس التحرير .. ( النقد ضد الوطن )


 

تعليق على مقال رئيس التحرير .. ( النقد ضد الوطن )

30/3/2009

خالد سلمان الخاطر(كاتب قطري )

 وجب القول من البداية بأن هذا التعليق لا يستهدف رئيس تحرير الراية شخصياً وليس القصد من ورائه التجريح بما جاء في مقاله

بل القصد هو التوضيح والمشاركة وإبداء وجهة نظر أخرى قد لا تتفق مع وجهة نظره والله سبحانه وتعالى من وراء القصد.


كتب رئيس تحرير جريدة الراية في عددها (9819) بتاريخ 26-3-2009 مقالاً بعنوان  النقد ضد الوطن  استهله بذكر فوائد النقد البناء وواجب الإعلام نحو تشجيعه وتبنيه. وذكر أن هناك أقلاماً قطرية ومن الجنسين جريئة وصادقة فيما تكتب وتنتقد.

 كما ذكر  بملء الفم  حسب قوله  وجود كتاب قطريين لا ينظرون إلا إلى الجزء الفارغ من الكوب بنظارات سوداء داكنة.. تشتم من كتاباتهم ومقالاتهم نزعة التشفي من الوطن والسخرية والاستهزاء بكل ما هو قطري...  كما قال  والأمثلة على ذلك كثيرة ففي كل يوم تقريباً نطالع هذا البذاءات  ولكنه لم يذكر حتى مثلاً واحداً وهو الذي يطالب الكتاب بالاستدلال بالأدلة والإثباتات. وليس الدليل المطلوب هنا ذكر أسماء بعض من هؤلاء الكتاب بل المواضيع التي تطرقوا إليها وما تحتويه من خبث وبذاءات كما ذكر.


والطابع العام الذي يستشفه القارىء للكتاب القطريين هو معالجتهم فعلاً للسطحيات كما ذكر ولكن الأهم هو عدم تحليهم بالشجاعة والصراحة.

 و الشجاعة والصراحة اللتان أكد على وجودهما رئيس التحرير رغم غيابهما يدلان على عدم جرأة أي كاتب من كتابة نقد هدام أو السخرية من كل شيء قطري. وغياب تلك الشجاعة والصراحة  غير راجع لهؤلاء الكتاب بل وليد مرور سنوات طويلة من غياب إعلام حر وحرية في التعبير.

 


واللذان لا زالا يشكلان عقبة في وجه كل من يجرؤ على الكتابة رغم ما ندعيه في قطر وتتغنى به الصحف المحلية من حرية والذي تذكره دوماً للاستهلاك الخارجي ولكنه لا ينطلي على الكتاب والنقاد المحليين.

 

لقد فرض نقل مسؤولية الرقابة من الرقيب إلى رؤساء التحرير عقبة جديدة لأن ما كان ينطلي ويمر على الرقيب أصبح من الصعب تمريره على رئيس التحرير نظراً لخبرته وتحميله هو وحده مسؤولية كل ما ينشر.

 

كما أصبح لدى رؤساء التحرير الخيار والصلاحية المطلقة في قبول أو رفض ما يقدم للنشر. ومن واجبهم الحرص دوماً على قبول النقد البناء ورفض النقد الهدام لأن ذلك جوهر عملهم.

 

وإذا كان لدى رئيس التحرير مفهوم وإطار محدد للنقد البناء فلم لا يعلنه مسبقاً لمن شاء أن يكتب لكي يلتزم به ولا يخرج عن إطاره. وعندها سوف يجد رئيس التحرير ما يعبر عن فكره وليس فكر الآخرين وسوف يخسر القارىء وجود الآراء المختلفة وتصبح الكتابة محصورة في إطار فكر واحد مما لا يعبر عن حرية في الرأي ولا يعطي هدفاً للكتابة والمشاركة.

 

مما تقدم يستطيع القارىء استنتاج عدم وجود كتاب من الصنف الذي ذكره رئيس التحرير بل العكس تماماً. فمن الملاحظ أن الكتاب يعملون حساب كل جملة بل وكل كلمة يكتبونها تخوفاً إما من عدم نشر ما كتبوا أو ما هو أمر من ذلك. فالكاتب اليوم يكتب وكأنه يمشي على بيض يخاف في كل خطوة من كسره.

 

لقد نتج عن ذلك وعكس ما ذكره رئيس التحرير كثرة مقالات المدح والنفاق والنظر في النصف المليء من الكأس وكأن بالكأس شيئاً كثيراً يستحق النظر. كما كثرت المقالات السطحية التي تعالج في الغالب التفاهات ولا تفيد القارىء ولا تزوده بذرة من المعرفة أو تضيف إلى معلوماته.

 

لقد ذكر رئيس التحرير مقولة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما قال:  بارك الله في رجل أهدى إلى عيوبي  والذي يستدل منه النظر دوماً في الجزء الفارغ  من الكأس وليس العكس. فإبراز العيوب والمشكلات ليس تهكماً ولا شماتة على الوطن وسخرية من المواطنين بل هو خير وسيلة لتصحيح المسار وتجنب الدمار.

 

وإذا اعتبر رئيس التحرير أن تشييد مدن الملح هو نمو وازدهار ويجب أن تعتبر الجزء الملآن من الكأس وغفل عن أن مفهوم التنمية الحقيقي هو تنمية الإنسان الذي يرى الجميع أنها في تراجع مستمر وليس معطاة سوى التطبيل والتزمير.

 

 وحتى لو اتفقنا مع رئيس التحرير على أن تعمير مدن الملح هو تنمية فسوف نجد أن ذلك لم يتحقق وتسوده الشعوائية وقلة الدراسة. فمعظم مناطق الدوحة تفتقر إلى الشوارع والأرصفة والخدمات المتكاملة. كما يلاحظ عدم الاكتراث بسلامة وراحة المواطن خلال تنفيذ ما يسمى تنمية.



 

وانفتاح البلد بهذه الصورة والسرعة لا يدل بتاتاً على صحة قول رئيس التحرير بأننا  سنظل متمسكين بجذورنا وثقافتنا الإسلامية التي يحاول البعض- كما قلت- التشكيك فيها  والذي بدأت آثاره السيئة تبرز على السطح يوماً بعد يوم.

 

 ألا ينظر رئيس التحرير من حوله كونه قطرياً كما يرى بقية الناس ما يدور من حولهم ويتهامسون به في مجالسهم وهو وحده كاف عن الدخول في التفاصيل.

 

إن من يحاول من الكتاب تزييف الواقع ومدح ما لا يستحق المدح لا يعتبر وطنياً ولا تدل آراءه على الولاء وحب الوطن. فالمثل الشعبي يقول  مادح نفسه يبيله رفسه . فالصحف  هذه الأيام مليئة بعناوين مغزاها قطر الأولى في هذا وذاك وقطر الأعلى في هذا إن كان إيجابياً والأدنى في ذاك إن كان سلبياً.

 

 فمثلاً العنوان في الصفحة الأولى من عدد الراية المذكور أعلاه الذي ذكر أن النمو الاقتصادي القطري يحتل المركز الأول عالمياً رغم وجود مصادر موثوق بها تؤكد تراجع معدلات النمو إلى النصف وأكثر في دول المنطقة جميعاً.

 

كيف نستطيع ادعاء ذلك في غياب الشفافية.إن عدد الكتاب القطريين قلة ومن ملك منهم الشجاعة والصراحة وقول الحقيقة وتصوير الواقع على حقيقته يجب تشجيعه والاستفادة من آرائه والاستفادة من ما يحاول  كشفه من عيوب وأخطاء من الواجب تفاديها.

 

 إن الجهد الذي يبذله بعض الكتاب القطريين من الجنسين والذين أخذوا على عاتقهم نشر ما يهمس به المواطنون في المجالس والتعبير عما يدور في ذهن الناس عمل يستحق التقدير والتشجيع لأن ذلك سوف يؤدي إلى زيادة الكتاب وبالتالي زيادة وتنوع في الآراء التي سوف تؤدي بلا شك إلى مشاركة أفضل من المشاركة شبه المعدومة هذه الأيام.

 

لقد أشار رئيس التحرير في مقاله بأن  لدينا رأياً عاماً واعياً ومثقفاً يميز بين الغث والسمين وبين الخبيث والطيب . إذاً لماذا يخشى علي القارىء من خبث هؤلاء الكتاب. أليس من الأفضل ترك ذلك للقراء أنفسهم وإعطائهم الخيار  التام في استنتاج أهداف ما يقرأون.

 

ألا يزور رئيس التحرير المكتبات وأماكن بيع الصحف والكتب والمجلات. ألا يرى ندرة ما هو قيم ومفيد وكثرة ما هو مفسد ومخرب من مجلات المياعة والكلام الفارغ.

 

كيف توصل إلى هذا الاستنتاج علماً بأنه من المعروف وحسب تقرير برنامج الأمم المتحدة للتنمية وغيره من الدراسات أن جميع شعوب الدول العربية عامة لا تتحلى بالعلم والمعرفة والوعي وهذا هو السبب الرئيسي في تخلفها. أليس ذلك تجاهلاً للحقيقة وذكر شيء لا يستند إلى دليل ثابت كما يطلب رئيس التحرير.

 

إن الهدف من الكتابة هو التوعية وأفضل طريق للتوعية بقضية ما هو تعدد مصادر واختلاف الآراء ووجهات النظر المطروحة بالنسبة لها وليس فقط ما يتفق مع موقفنا منها ورأينا فيها. فاختلاف الآراء ووجهات النظر يجنبنا التحيز لمفهومنا ويعلمنا التسامح ورؤية الأمور من العديد من الزوايا وهذا بالطبع يوسع مجال فكرنا ومفهومنا.

 

لا يوجد أدنى شك أن هدف رئيس التحرير سليم والقصد من ورائه البناء والارتقاء بالصحافة القطرية إلى أعلى المستويات. كما يتضح من مقاله بأنه يدعم النقد الهادف الذي من شأنه دعم وتطوير الوطن والمواطن ويحرص مثل ما نحرص جميعاً على تنقية واختيار النقد البناء والمفيد بدلاً من النقد الهدام والمضر.

 

ونحن جميعاً نشكر رئيس التحرير على تطرقه لهذا الموضوع ويجب ألا يكون لدينا ذرة من الشك في مصداقية ونزاهة أهدافه. فكلنا حريصون على ألا ننتقد الوطن بل النقد للوطن.

 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق