السبت، 28 يونيو 2014

وجهة نظر .. في مشاريع التخطيط العمراني


 

وجهة نظر .. في مشاريع التخطيط العمراني


الثلاثاء 12/1/2010
خالد سلمان الخاطر

. كشفت جريدة «الراية» في عددها الصادر يوم الأحد بتاريخ ١٠-١-٢٠١٠ عن خطط إدارة التخطيط العمراني القادمة والتي شملت العديد من المشاريع كان أهمها مشروع نفق يربط المطار الجديد بما تسمى منطقة الأبراج الذي يبلغ طوله ١٢ كيلومتراً ولم تذكر شيئاً عن تكاليفه أو هل سبق وان عملت دراسة جدوى اقتصادية للمشروع. ونظراً لخبرتي الطويلة في مجال الهندسة المدنية رأيت ان أبدي وجهة نظر بالنسبة لذلك المشروع وغيره من المشاريع التي شملتها أو لم تشملها خطة إدارة التخطيط العمراني.

 

انني على يقين انه لو عملت دراسة جدوى اقتصادية ومعمارية (جمالية) لمشروع النفق المذكور لاتضح ان إنشاء جسر بين المطار ومنطقة الابراج سوف تكون تكلفته أقل بكثير من النفق سواء من ناحية التكلفة الأساسية أو تكلفة التشغيل والصيانة في المستقبل وذلك لعدة أسباب أهمها ان إنشاء نفق سوف يتطلب حفرا عميقا حيث انه سوف يمر تحت قناة الدوحة لدخول السفن بينما لن يكلف الجسر الذي سوف يمر غالبيته فوق مياه ضحلة فيما عدا الجزء القصير المار فوق قناة الدوحة الذي سوف يكون معلقاً ما سوف يضفي منظراً خلاباً وجميلاً لمدخل الدوحة البحري.

 

كما ان مستخدمي الجسر سوف يتمتعون بمنظر خلاب بدلاً من سجنهم لمسافة ١٢كم في قناة مغلقة تنقصها التهوية الطبيعية. ولو أخذنا في الاعتبار تكلفة التشغيل والصيانة للنفق الذي سوف يتطلب تهوية دائمة بمراوح ضخمة تستهلك كمية غير بسيطة من الكهرباء وصيانة مستمرة لوقف تسرب المياه مقارنة بالجسر لأصبح من الواضح جداً ميزة الجسر عن النفق. كذلك لو أخذنا في الاعتبار ناحية السلامة لوجدنا ان الجسر يمتاز عن النفق بقدر كبير. فنشوب حريق في النفق سوف يؤدي إلى كارثة.

 

ولنأخذ اليابان نموذجا حيث ربطت أغلب جزرها بجسور معلقة تسلب الألباب على الرغم من عمق المياه بينها وتعرضها لعواصف قاسية ورياح قوية ما يتطلب إنشاء جسور مكلفة ولكنها أوفر بكثير من انفاق خانقة.

 

أرجو من إدارة التخطيط إعادة النظر في هذا المشروع الحيوي وعمل دراسات الجدوى قبل الشروع في تصميمه وتنفيذه.

 

أما بالنسبة لمشروع شارع الريان فلم تعلن إدارة التخطيط عن جديد. فغالبية الشارع الحالي مكونة من ثلاثة مسارات التي يجب ان تكون اربعة أو خمسة نظراً لأهميته وحيويته. وفكرة إنشاء خط قطار في وسطه ذكرتني بالتطرق إلى التعليق على فكرة إنشاء قطار في العاصمة حيث إن الآثار السلبية لتلك الفكرة أكثر وأعظم من ايجابياتها.

 

انه لمن النادر جداً أو معدوم في العالم كله وجود مدينة يقل تعداد سكانها عن العشرة ملايين وجود قطارات وان وجدت تكون تحت الأرض SUBWAYS لأن جدواها الاقتصادية لا تكون ايجابية لأقل عدد من ذلك.

 

ولو أخذنا في الاعتبار حضارة النقل السائدة في مجتمعنا حتى بين الأجانب التي تعتمد أساساً على السيارة طالما ظل سعر البترول منخفضا نسبيا والتي من الصعب جداً تحويلها إلى حضارة النقل العام لاتضح ان هذا المشروع هدر لموارد البلاد من دون أي مردود ايجابي.

 

كما ان الآثار السلبية غير المباشرة على اقتصاد البلاد أثناء إنشائه والذي سوف يستغرق وقتاً طويلاً مثل ما عودتنا اشغال سوف تكون جسيمة ناهيك عن الآثار السلبية على حالة المواطنين النفسية بسبب الزحمة التي سوف يسببها تنفيذ هذا المشروع.

 

لقد ذكرت إدارة التخطيط في خطتها مشاريع البنية التحتية لعدة مناطق داخل وخارج الدوحة وهذا أمر سار ولكن وجب تذكير إدارة التخطيط بأن عدم الالتزام بتحديد الكثافة السكانية لكل منطقة سوف يؤدي في المستقبل القريب إلى تكرار نفس الاخطاء التي نراها في العاصمة والتي تكاد لا تنتهي.

 

 فكلما انتهت إدارات الخدمات من إنشاء الخدمات لمنطقة ما تغيرت الكثافة السكانية والغرض الذي من أجله انشئت المنطقة وأصبحت البنية التحتية لا تفي بالغرض ما يتطلب إعادة بنائها. فعلى سبيل المثال تسكين ١٥ أعزب في فيلا أنشئت أساسا لعائلة من ٤ إلى ٨ أفراد يغير من كل شيء.

 

حبذا لو شملت خطة إدارة التخطيط مشروع الطريق الغربي العابر لمدينة الدوحة والوكرة. ففكرة هذا الطريق التي نضجت في أوائل الثمانينات كانت من أجمل الافكار حيث إن ذلك الطريق السريع الذي يربط طريق الشمال مارا غرب الوجبة، شرق المنطقة الصناعية ومارا بين الوكرة والوكير ومنتهيا في ربطه مع شارع مسيعيد ومحتويا في مساره على جسور وتقاطعات مكتملة كان سوف يريحنا من الازدحام الناتج عن عبور الشاحنات خلال فترة إنشاء رأس لفان وما بعدها.

 

كما لاحظت عدم ذكر وجود أي مشروع لمعامل تكرير المجاري التي أصبحت ملحة وضرورية نظرا للنمو السكاني السريع الذي حدث في السنوات القليلة الماضية. فلقد أصبح سكان قطر يزيدون على المليون وستمائة ألف تقطن غالبيتهم العاصمة التي لا يوجد بها إلا معملان لتكرير المجاري تبلغ طاقتهما الاجمالية -حسب علمي- القدرة على تكرير مجاري ٣٥٠ ألف نسمة. علما بأن أحد هذين المعملين وهو معمل النعيجة قديم جداً وأصبح داخل المدينة ومصدر ازعاج للسكان حوله نظراً لما يسببه من روائح كريهة.

 

ان تفريغ المجاري عن طريق الصهاريج الكبيرة ورميها من دون معالجة غربي جنوب الكرعانة ومناطق أخرى سوف يؤدي إلى كارثة بيئية بالإضافة إلى تدهور طريق سلوى الجديد نتيجة الحمل الثقيل الناتج من تلك الصهاريج.

 

لقد تحدثت في مقال سابق عن أسباب تأخر المشاريع وغفلت اثناءها عن ذكر أحد الأسباب الجوهرية وهو المفهوم والموقف ATTITUDE المتبع في تنفيذ المشاريع. يبدو من الواضح جداً ان موقف اشغال خاصة والحكومة عامة هو موقف عقابي Punitive وليس تعاونيا cooperative حيث النظرة مسبقا للمقاول على انه حرامي يجب عقابه دائما اما عن طريق تأخير دفعاته أو غيرها من الوسائل العقابية التي لا ينتج عنها سوى تنفيذ المشاريع برداءة أو تأخيرها. تنفيذ المشاريع يتطلب التعاون بين جميع ذوي الشأن في المشروع لتحقيقه بالتكلفة والجودة المرجوة ودون ذلك الموقف التعاوني تنعدم الثقة والأمانة التي لا يتحقق أي إنجاز من دونهما.

 

 لقد وجب ذكر ذلك لأن المشاريع المطروحة من قبل التخطيط سوف تكون حلما لن تستطيع اشغال تحقيقه إلا إذا غيرت من موقفها وأساليبها في تنفيذ المشاريع.

 

وأخيراً اتمنى لإدارة التخطيط وأشغال التوفيق والنجاح في تحقيق ما يهدفون إليه وتطوير هذا البلد العزيز على الاقل من الناحية العمرانية والوصول بها إلى مستوى يحقق ما يتمناه مواطنوها من راحة وجمال خلاب يفرح النفوس ويريح العيون.

 

 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق