الجمعة، 27 يونيو 2014

البيئة العربية: تحديات مستقبلية


 

البيئة العربية: تحديات مستقبلية

9/4/2009

خالد سلمان الخاطر (كاتب قطري )

 صدر مؤخراً تقرير 2008 للمنتدى العربي للبيئة والتنمية، وهو تقرير المنتدى السنوي الأول تحت عنوان  البيئة العربية: تحديات مستقبلية .


لقد صمم التقرير الذي يتصف بتوجهه نحو رسم السياسات لكي يقيس مدى التقدم الذي تم نحو تحقيق أهداف تنمية مستدامة  إن عبارة  تنمية مستدامة  عبارة متناقضة كما ذكرت في مقال سابق لأن وجود تنمية مستدامة في عالم محدود الموارد مستحيل ولكن سوف استخدمها كما وردت في التقرير  مع المحافظة على بيئة سليمة، كما يبرز التقرير المساهمة العربية في المجهودات البيئية العالمية.

ولقد تم الاعلان عن تأسيس المنتدى العربي للبيئة والتنمية في ختام مؤتمر عقد في بيروت في شهر يونيو 2006 تحت رعاية مجلة البيئة الوطنية. ويهدف المنتدى الى تشجيع المجتمعات العربية على حماية البيئة واستغلال الموارد الطبيعية بعقلانية وحكمة لتحقيق تنمية مستدامة.



 

 كما يهدف الى اصدار تقارير سنوية ودراسات متخصصة مستقلة تركز على مواضيع محددة تختص بالبيئة العربية.

 

وبالاضافة الى مواجهة التحديات المحلية والعالمية يهدف التقرير أن يبني قاعدة لحالة البيئة العربية يقاس منها مدى التقدم أو التراجع في المستقبل.

 

ويهدف التقرير الى أن يكون مستقلا تماماً يعكس تصور المجتمع المدني وذلك بالاعتماد على مساهمة واسعة تشمل الباحثين والمؤسسات الاكاديمية وقطاعات المجتمع النشطة مع المحافظة على انسجامه مع بقية الانشطة.

 

وبناء على تحليل أفضل المعلومات الموجودة يهدف التقرير الى الوصول الى المواطنين العرب عامة وصناع القرار خاصة في جميع القطاعات.

 

ويحاول التقرير الاجابة على الاسئلة الخمسة التالية:

 

1- كيف تتغير حالة البيئة العربية؟

 

2- ماهي أسباب تدهور البيئة وكيف ترتبط بالنشاطات البشرية وغيرها من النشاطات التي قد تشكل ضغوطاً على البيئة؟

 

3- لماذا يجب أن تكون البيئة أمراً مهماً الى العالم العربي؟

 

4- ماهي الاجراءات المتخذة تجاه هذا الأمر؟ وكيف يتعامل المجتمع مع هذا الأمر عن طريق مبادراته العامة والخاصة.

 

5- هل ما اتخذ ويتخد للحد من تدهور البيئة كافياً؟

 

من الواضح أن البيئة ومشاكلها هي أهم أمر يواجه العالم في بداية القرن الواحد والعشرين، ولقد انعكست مشاكل البيئة في التحذيرات العلمية والبرامج السياسية والاهتمام العام والإعلام، والعالم العربي ليس معزولا عن العالم في هذا الشأن. لهذا يهدف التقرير الى تسليط الضوء وبطريقة متكاملة على التحديات البيئية التي تواجه العالم العربي ويقدم النصح لصناع القرار والمواطنين والمؤسسات العلمية والأكاديمية والإعلامية عن إمكانية تجنب وتخفيف الأخطار الناجمة عن تدهور البيئة.

 

لقد مر العالم العربي بمتغيرات كثيرة وكبيرة خلال القرن المنصرم. فقد ارتفع عدد سكانه من 50 مليوناً إلى 325 مليوناً اليوم. ولقد تدهورت البيئة وشحت الموارد الطبيعية خلال تلك الفترة وذلك لاتباع نماذج تنموية ليس بالإمكان استدامتها.

 

كما كانت السياسات في معظم الحالات قصيرة النظرة تعالج مشاكل آنية ولا تهدف الى تخطيط استراتيجي بعيد النظر.

 

لقد رأت بعض الدول العربية نمواً لا سابق له رافقه ازدهار اقتصادي واجتماعي للملايين من العرب خلال العقد المنصرم وذلك بالطبع بفضل النفط. يسأل التقرير ما إذا رافق ذلك تكاليف ضخمة. كما يسأل إن كان بالإمكان الاستمرار في هذا النمو، ويرد بالشك في ذلك.

 

واليوم تقف حالة البيئة العربية على مفترق رئيسي يشمل الكثير من المشاكل البيئية الحالية والحتمية التي أصبحت تهدد المنطقة. علماً بأن الوعي بهذه المشاكل ووجود علامات تدل على فعل سياسي واجتماعي يعطيان الأمل بالتدخل قبل فوات الأوان.

 

وهذا التقرير وهو الأول من نوعه لكونه مطروحاً من قبل خبراء مستقلين من كافة أنحاء المنطقة يقدم صورة عن حالة البيئة في العالم العربي ويسلط الضوء على التحديات البيئية وما يرافقها من تحولات اجتماعية وسياسية وسكانية ومدى تقدم التعاون بين دول المنطقة لمواجهة تلك التحديات. كما يقدم النصح والمشورة للإجراءات المستقبلية.

 

ويواجه العالم العربي ظروفاً ومشاكل وتحديات بيئية مميزة. وبالرغم من كونه موهوباً بموارد طبيعية غنية وفريدة لا يوجد وعي كاف بأهمية البيئة في التنمية الاقتصادية واستدامتها وتوفير الرخاء للإنسان. والشؤون البيئية غير مدرجة ضمن الخطط والسياسات التنموية الوطنية مما نتج عنه استخدام غير مستدام للموارد الطبيعية في برامج التنمية.

 

فالتغير المناخي والنمو السكاني العالي وعند البعض النمو الاقتصادي السريع والمدينية (الهجرة للمدن: Urbanization) تتراكم جميعاً لتزيد وتعقد التحديات البيئية للمنطقة وتحد من القدرة على ادارتها والتعامل معها.

 

ومن التحديات التي تواجهها المنطقة ندرة المياه العذبة وتدهور الأراضي الزراعية والتصحر وعدم القدرة على إدارة التخلص من المخلفات البشرية والصناعية وتدهور البيئة الساحلية والبحرية وتلوث الهواء والاحتباس الحراري.

 

وعلى الرغم من أن تكاليف تدهور البيئة خفي ومتجاهل إلا أنه في العالم العربي حقيقي وكبير وفي نمو مستمر، والموارد الطبيعية تستغل بطريقة لا تضمن استدامتها من ما سوف يعيق مسيرة التنمية وجهود تقليص الفقر، ويقدر البنك الدولي التكلفة الناتجة عن تدهور البيئة في العالم العربي من 4% - 9% من الناتج المحلي لبعض الدول العربية مقارنة ب 2% لدول منظمة الدول المتطورة اقتصادياً (OECD) و5% لدول أوروبا الشرقية.

 

وواضح من التقرير مدى أهمية إعطاء الشؤون البيئية الأولوية السياسية والاقتصادية التي تستحقها على حد السواء مع الأمور الاقتصادية الهامة الأخرى. كما يجب أن يدخل مفهوم البيئة المستدامة جميع أوجه وتوجهات التنمية والسياسات الاقتصادية العامة والخاصة والذي ليس هو متبع حالياً.

كما يجب متى أدركت وفهمت أهمية الأمور البيئية من قبل دول المنطقة العربية تقوية القدرة على الفعل والعمل.

 

وبالإمكان تحقيق ذلك عن طريقين، الأول تشريعي عام وشامل، متداخل وواضح، والثاني بالتأكد من أن لدى الوكالات البيئية الامكانات اللازمة والتكليف السياسي لانجاز التقدم المطلوب، كما يجب دعم جهود البحث والتطوير، كذلك يجب على القطاع الخاص ادخال أمور البيئة في مخططاته متقدماً من مجرد تقديمه على الخير الى تحمل مسؤوليته الاجتماعية. ولن يكون أي من ذلك ممكناً إذا لم يحظ بدعم الناس ذلك الدعم الذي لا يمكن الوصول اليه وتحقيقه إلا عن طريق جهود إعلامية مكثفة وكبيرة.

 

ويخوض التقرير في أمور بيئية كثيرة ويطرح أسئلة جدية وعميقة ويحاول رسم صورة حقيقية للوضع البيئي في المنطقة حالياً رغم ندرة المعلومات ويقدم الحلول والنصائح لأصحاب القرار والناس لمواجهة التحديات البيئية المستقبلية، ولقد أعطى التقرير مشاكل المياه وجودة الهواء والتغيير المناخي والبيئة الساحلية والبحرية والجفاف والتصحر وتكنولوجيا الأحياء والأسمدة والمبيدات وإدارة المخلفات والمدينية والبحث البيئي العلمي والتعليم البيئي ودور الإعلام والتشريع البيئي وتمويل برامج البيئة مالياً والبيئة والصراع جميعا حقها وذلك بمعالجتها كل على حدة وبتفصيل، موضحاً السلبيات والايجابيات مدركاً الصعوبات والتحديات مقدرا الامكانات وعمق الوعي والإدراك لمشاكل البيئة ويحتوي التقرير على أمثلة كثيرة من مختلف دول المنطقة وبإحصاءات دقيقة عن المشاكل البيئية المختلفة، فعلى سبيل المثال يذكر التقرير أن قطر سوف تخسر ما يقارب 2.6% من أراضيها إذا ارتفع مستوى البحر متراً واحداً بسبب الاحتباس الحراري.

 

وتفيد خاتمة التقرير بأن الكثير قد تم انجازه بالنسبة للتوعية البيئية ولكن الباقي أكثر، كما ينصح بعدم تجاهل المشاكل البيئية الحالية فقط لمجرد أن هناك خططاً وسياسات واستراتيجيات مستقبلية، فإهمال المشاكل الحالية يزيدها تعقيداً ويراكمها ويصعب حلها مستقبلاً، ويفيد التقرير بأن الموقف ليس عاتماً وميئوس منه، فلدى أغلب الدول العربية وزارة أو وكالة للبيئة وهناك العديد من جمعيات المجتمع المدني المختصة بالبيئة وإن اختلفت درجات تأثيرها وقدراتها.

 

إن قدر المنطقة العربية مرتبط وبشكل قوي بحالته البيئية، هذه الحالة التي تربطه داخلياً بعضه بعضا وتعطيه حصة من المبادرات العالمية ومساهمة فيها يأمل التقرير في رفع مستوى الوعي للمشاكل البيئية في المنطقة العربية عند الحكومات والمواطنين والهيئات الاكاديمية والقطاع الخاص والإعلام وذلك عن طريق التأكيد من ضرورة تدخيل الاهتمامات البيئية في جميع المجالات التنموية والتطويرية.

 

وختاماً أوصى الجميع بقراءة التقرير إن أتيحت لهم الفرصة وخاصة اصحاب القرار والمختصين في شؤون البيئة من منظمات مدنية ومؤسسات اكاديمية، كما أوصى بتبني توصياته كل حسب ظروفه وامكاناته.

موقع المنتدى العربي للبيئة والتنمية:


 


 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق